تضامن سوريّ حزنًا على استشهاد السيّد نصر الله
خيّم الحزن والأسى على الشارع السوريّ بعد إعلان خبر استشهاد سماحة الأمين العامّ لحزب الله السيّد حسن نصر الله، وعبّرت عن هذه المشاعر فعاليات شعبيّة ورسميّة عدّة، حيث أكّد الرئيس بشار الأسد، في برقيّة تعزية، أنّ «المقاومة لا تضعف باستشهاد قائدها؛ لأنّ القادة الكبار يرحلون، وقد تركوا خلفهم منظومة فكريّة»، وعزّى عائلة الشهيد السيّد حسن نصر الله و«المقاومة الوطنيّة اللبنانيّة». وكانت الدولة السوريّة قد أعلنَت الحداد الرسميّ لمدّة ثلاثة أيّام، وتنكيس الأعلام في السفارات والهيئات الدبلوماسيّة جميعها في الخارج، بعد صدور بيان رسميّ من رئاسة مجلس الوزراء حول الواقعة.
هذا وأدانت وزارة الخارجيّة في بيان لها، بأشدّ العبارات، ما دَعَته «الفعل الإجراميّ الإسرائيليّ»، وأعربَت عن تعازيها للبنان الشقيق، وللأحرار كلّهم حول العالم، باستشهاد قائد «المقاومة الوطنيّة اللبنانيّة»، وحمَّلَت كيان الاحتلال المسؤوليّة الكاملة عن «عواقبه الجسيمة». وأشارت في بيانها، إلى أنّ الشعب السوريّ لن ينسى يومًا مواقف السيّد نصر الله الداعمة، وأنّ مسيرته البطوليّة ستبقى منارة للأجيال القادمة، لمواصلة نضالها من أجل تحرير جميع الأراضي العربيّة المحتلة، وضمان محاسبة إسرائيل عن أفعالها المشينة. وأكّد البيان أنّه باستشهاد الأمين العامّ لحزب الله، خسر المناضلون من أجل تحرير الأرض وصون السيادة والاستقلال، كلُّهم، عَلَمًا من أعلامهم، وقدوةً لهم في النضالِ ضدّ المعتدين، ومقاومةِ المحتلّين، وبأنّه التَحَق، عبر إسناده لقضيّة الشعب الفلسطينيّ، برفاقه الشهداء الذين سبقوه وسجّلوا، على مدى سنوات، انتصارات وصفحات مشرقة في تاريخ هذه الأمّة، واضعين تحرير القدس من أيدي المغتصِبين نصب أعيُنهم.
وأدان مجلس الشعب في سورية العدوانَ «الإسرائيليّ» الغادر والجبان، الذي أدّى إلى استشهاد السيّد نصر الله، إلى جانب عدد كبير من المدنيّين الأبرياء، مؤكِّدًا أنّ هذه الجريمة النكراء ما هي إلّا دليل واضح على منطق الهمجيّة والإرهاب الذي يتعامل به كيان الاحتلال مع الشعوب المقاوِمة لمشاريعه في المنطقة. وعَدَّ المجلسُ العدوانَ الصهيونيّ الإسرائيليّ الغادر انتهاكًا صارخًا للأعراف والمواثيق الدوليّة ومبادئ الأمم المتّحدة وقواعد القانون الدوليّ وحقوق الإنسان، كلّها، ورأى أنّ هذا العدوان يفرض ضرورة محاسبة حكومة الاحتلال وقادته المجرمين، على جرائمهم الغادرة والنكراء. وطالب المجلس جميع الاتّحادات والمنظّمات البرلمانيّة العربيّة والإقليميّة والدوليّة، والمجالس والبرلمانات الوطنيّة، بشجبه وإدانته، معرِبًا عن تعازيه الحارّة للأشقّاء اللبنانيّين، وللمقاومين والأحرار كافّة حول العالم، باستشهاد «رمز «المقاومة الوطنيّة اللبنانيّة» وقائدها»، وجميع مَن استشهد معه، على مدى مشواره الطويل في المقاومة والبذل والعطاء في مواجهة قوى الشرّ والطغيان والإرهاب. وقد أكّد المجلس ثقته التامّة بأنّ مسيرة الشهيد النضاليّة المشرّفة ستبقى نموذجًا حيًّا يُحتَذى به، ومنارةً وقَّادةً تنير دومًا درب المقاومين والأحرار على طريق النضال ضدّ المحتلّ الصهيونيّ الغاشم، حتّى تحرير الأراضي العربيّة المحتلّة جميعًا، وفي مقدّمتها استعادة الجولان العربيّ المحتلّ والقدس الشريف.
وكذا أدان حزب «البعث العربيّ الاشتراكيّ» بشدّة، جريمة استهداف «قائد «المقاومة الوطنيّة اللبنانيّة» سماحة السيّد حسن نصر الله وعددٍ من رفاقه، محمِّلًا كيان الاحتلال «الإسرائيليّ» المسؤوليّة الكاملة عن هذه الجريمة البشعة. وأكّد الحزب في بيانه، أنّ الشعب العربيّ السوريّ الأبيّ فقد باستشهاد القائد نصر الله، شريكًا وفيًّا جمعَه معه تاريخ طويل حافل بالانتصارات ووحدة الدم ووضوح الرؤية، مشدِّدًا على أنّ مسيرته البطوليّة سوف تبقى حافزًا للأجيال القادمة لمواصلة نضالها من أجل تحرير جميع الأراضي العربيّة المحتلة، مشيرًا إلى أنّ السيّد نصر الله مثَّل العنفوان المقاوم بأنقى صورة وأنصعها، وقدَّم للأحرار والشرفاء في العالم نموذجًا نابضًا للمقاومة المتجذّرة ضدّ قوى الاستكبار والتسلُّط والهيمنة، مضيفًا أنّه وسم مرحلة مُشرقة من الكفاح الوطنيّ والعربيّ والإسلاميّ الحديث ضدّ العدوّ الصهيونيّ وداعميه، وألهَمَ -وسَيُلهم- الأجيال المتعاقبة بمعاني حتميّة الانتصار، والصدق في العقيدة، والثبات على المبدأ، فكان أن مرّغ أنف الصهاينة بالخزي والعار، وأذلّ جيش الاحتلال على مدى ثلاثين عامًا. وأكّد الحزب أنّ العمليّة الإجراميّة التي استهدفَت قائد «المقاومة الوطنيّة في لبنان» وعددًا من رفاقه، لا تعكس إلّا حقيقة واحدة، وهي أنّ حكومة الاحتلال ماضيةٌ في خطأ حساباتها وسوء تقديراتها إلى النهاية، متجاهلةً واقع أنّ الشعوب العربيّة والإسلاميّة -رغم قسوة الظروف الراهنة- تعيش مرحلة نهوضٍ تاريخيّة، وأنّ أجيالنا الجديدة تزداد قناعة، كلّ يوم، بأنّ العدوّ الغاشم لا يفهم إلّا لغة القوّة، وأنّ استشهاد القادة الأبطال لن يُثنيها عن انتهاج درب المقاومة، وأنّ ارتقاء سماحة السيّد نصر الله شهيدًا إنّما يسجِّل مرحلةً من مراحل الصراع بين مشروعَين، لا يمكن لأحدَيْهما أن يستمرّ بوجود الآخر، وهو لن يزيدنا إلّا إصرارًا على تحقيق النصر والإيمان بعدالة قضيّتنا، والتمسّك بالمقاومة لاستعادة الحقوق المغتصبة، وأنّه لطالما كان تاريخ الصراع العربيّ الصهيونيّ وتاريخ المقاومة ضدّ الاحتلال والغطرسة معبّدًا بالتضحيات، وحافلًا بقوافل الشهداء القادة.
هذا ونَعَت أحزابُ المقاومة الفلسطينيّة في سورية، وفصائلُها، استشهادَ سماحة السيّد حسن نصر الله، في بيان لها، حيث رأَت «أنّ القائد الشهيد السيّد حسن نصر الله عاهد الله بصدق، وانتظر اللقاء بشوق، وقضى نحبه شهيدًا، بعد أن كان يصنع النصر ويطلب الشهادة، متحصِّلًا لهذا الوسام الإلهيّ الرفيع، ولمكانته في جوار رفاقه الشهداء العظام الخالدين، وأنّ الدماء الطاهرة الزكيّة للسيّد حسن نصر الله، مع دماء كلّ الشهداء الذين ارتقوا على طريق القدس، ترسم اليوم الطريق للنصر الآتي على يد المقاومة الأبيّة، والتي نراها مستمرّة في تصاعُد، حتّى دحر الاحتلال وسقوطه وهزيمته. ولن ينجح الكيان الصهيونيّ المجرم، مع كلّ ما يرتكبه من اغتيالات وجرائم دمويّة، ومن حرب إبادة جماعيّة، في ثَنيِنا عن مواصلة المقاومة حتّى النصر الكامل».
وشارك وزير الأوقاف الدكتور محمّد عبد الستّار السيّد، وعددٌ من كبار علماء الدين الإسلاميّ بدمشق، في مجلس عزاء أُقِيمَ لروح سماحة الشهيد. وشارك في مجلس العزاء الذي أُقِيمَ في مقرّ جمعيّة المحسنين بحيّ الأمين بدمشق، حشدٌ من فعاليات دينيّة وشعبيّة.
وكذا أقامت القنصليّة الإيرانيّة مجلس عزاء لروح سماحة السيّد، ولشهداء المقاومة، في مدينة حلب. وأقامت فصائل المقاومة الفلسطينيّة في دمشق مجلسَ عزاء لروح الشهيد السيّد حسن نصر الله الأمين العامّ لحزب الله، ولشهداء المقاومة والقادة الشهداء، في مخيّم اليرموك بدمشق، حيث كانت مشاعر الحزن العميق التي عبَّر عنها المشاركون، ومشاعر الأسى، تخيّم على الحاضرين؛ لأنّ فقدان شخصيّة مهمّة، مثل السيّد نصر الله، تمثّل خسارة كبيرة لمحور المقاومة وللشرفاء كلّهم، وإنّ القادة الشهداء كانوا نهجًا للأجيال الجديدة، التي ستبقى تناضل حتّى تحرير كامل الأراضي المحتلة؛ لأنّ أبطال «المقاومة الوطنيّة اللبنانيّة» سطّروا أروع الملاحم في الدفاع عن جنوب لبنان.
اضافةتعليق