مشكلة البطالة، مفهومها، أسبابها، نتائجها، حلولها

شارك الموضوع :

مشكلة البطالة، مفهومها، أسبابها، نتائجها، حلولها

أحمد صبرا (لبنان)

البطالة من أكبر المشاكل التي يعاني منها العالم كدول وأفراد، تعاني منها بلدان غرب اسيا اجمالاً وتحديداً دول محور المقاومة بسبب الأزمات الاقتصادية الناتجة عن الحصار الاقتصادي والعقوبات، ولعل البطالة من أبرز تجليات هذه الأزمات، حيث يحقق المحور الأميركي الصهيوني الغربي نتائج اجتماعية وسياسية هامة جراء نشر البطالة في هذه المجتمعات، وإذا أضيف لمحفزات الأزمة السالف ذكرها سوء الإدارة والفساد والتي تتفاوت بين دولة وأخرى، ازدادت هذه الأزمة تجذرا وصار الحل أصعب ووالوضع أعقد.

محفزات البطالة

تنتج البطالة غالبًا من عدة محفزات قد لا تكون وحدها منفردة سببًا مستقلًا لحدوث الأزمة، ولكن اجتماع بعضها أو كلها على بلد واحد قد يشعل فتيل الأزمة ويتسبب في تجذرها واستدامتها، وهذه المحفزات هي:

1- الحروب الصلبة المباشرة التي تعرضت وتتعرض لها دول المحور سواء تلك المباشرة، أو حروب صلبة بصورة غير مباشرة مثل التي يشنها محور اميركا بواسطة الحركات التكفيرية، مما ادى ويؤدي الى تدمير البنى التحتية وخاصة الأمن في هذه الدول وانهيار الإقتصاد فيها وانعدام الاستثمارات وفرص العمل، وبالتالي ارتفاع نسبة البطالة، واضطرار اعداد كبيرة من شبابها  للهجرة -وتحديداً- إلى دول المحور الأميركي في محاولةٍ للحصول على فرص عملٍ لم تعد متوفرة في أوطانهم.

2- الحصار الاقتصادي على هذه الدول وإن تفاوتت قساوته بين دولة واخرى، فالحصار على الجمهورية الإسلامية -على سبيل المثال- بدأ منذ انتصار الثورة، وازداد هذا الحصار قسوة بعد إلغاء الرئيس ترامب الاتفاق النووي وإضافة عقوبات جديدة، ومنها قانون قيصر الذي اعلنه ترامب ضد سوريا، وبعد ان تم تدمير مختلف المرافق فيها ببسبب الحرب الكونية عليها، ادى الى انهيار اقتصادي وانعدام مقومات الحياة كالكهرباء والوقود. ومنها العقوبات غير المعلنة على النظام المصرفي اللبناني. وامتناع الاحتلال الإسرائيلي عن تحويل مداخيل الضرائب والجمارك إلى السلطة الفلسطينية.

3- الاحتلال المباشر مثل نموذج العراق الذي تحتفظ فيه الولايات المتحدة بقواعد العسكرية واستمرار سيطرتها على بعض المرافق، ولعل أشد هذه العقوبات هو التحكم الاميركي  بعملية تحويل عائدات النفط الى الحكومة العراقية، وهذا بحد ذاته توهين للإقتصاد والتحكم بنسبة نموه وبازدياد او انعدام فرص العمل وبالتالي تحكمه بنسبة البطالة صعوداً وهبوطاً في العراق، وكذلك الاحتلال المباشر في سوريا بسبب استمرار السيطرة الاميركية على حقول النفط والغاز شرق الفرات.

4- الفتن الداخلية التي تسعى اميركا الى اثارتها في هذه الدول بحجج إتنية طائفية ومذهبية وقومية ومناطقية. وما ينتج عنها عن اضطرابات سياسية داخلية مثل بقاء بلاد مثل لبنان بدون حكومة أو رئيس دولة لعدة سنوات.

نتائج البطالة

كل ذلك يؤدي الى نتائج كارثية على هذه الدول والحركات المناهضة لأميركا والغرب والكيان الصهيوني المتواجدة فيها، ولعل البطالة من أسوأ هذه النتائج على الشباب المؤمن المهدوي الموجود فيها، ولعلها أسوأ نتائج تدهور الاوضاع الاقتصادية التي أوجدها الاداء الاميركي مع الحلفاء واالكيان الصهيوني في هذه الدول، وبالنتيجة تسبب اموراً خطيرة على الشباب المؤمن المهدوي ومنها:

1- انتشار الفقر: حيث الفقر سبب ونتيجة للبطالة في نفس الوقت؛ لعدم القدرة على التعلم من جهة، أو عدم امتلاك رأس المال الكافي، أو عدم وجود حيوية اقتصادية بالأسواق نتيجة قلة السيولة. كما أن البطالة سبب للفقر الذي يؤدي الموارد المالية للشباب من جهة اخرى.

2- انتشار الجرائم: خاصة السرقة وقطع الطريق، خصوصاً بين الشباب ضعاف النفوس والإيمان حين يضيق بهم الحال.

3- الهجرة: تعاني دول محور المقاومة بسبب البطالة من هجرة شبابها المهدوي الى دول محور اميركا تحديداً نظراً لتمتعها باقتصادات قوية يترافق معها انخفاض نسبة الشباب القادرين على العمل وفي مجالات محددة، وتحول هذه المجتمعات الى مجتمعات هرمة.

4- تأخر الزواج: تُعتبرعملية بناء الأسرة على أسس اسلامية مدماكاً أساسياً في بناء مجتمع اسلامي مؤمن وملتزم بقضايا الإسلام، وأيضاً تعزز ثقافة الجهاد والمقاومة في مجتمعاتها، وتساهم البطالة في تأخر اقدام الشباب على الزواج او عدمه وبالتالي يتم ضرب هذا الاطار الالهي وتوهين المجتمع من كل النواحي.

5- الفساد الأخلاقي: التزام شبابنا المؤمن بتعاليم الاسلام وشرائعه يضع لهم حدوداً فاصلة بين الحلال والحرام، ولكن قد يضعف بعض الشباب الذين يعانون من البطالة، لأن الشباب العاطل عن العمل سيعاني من الفراغ وبالتالي قد يُصاب هؤلاء الشباب باليأس والاكتئاب، وبالتالي قد يكون ذلك سبباً رئيسياً في الإنحلال الأخلاقي، وما يحويه من موبقات مضرة بالأفراد والمجتمع بشكلٍ عام.

6- انتشار الفتن والفوضى في البلاد: ان من نتائج البطالة اختزان الشباب في داخله طاقات سلبية منها اهمها اليأس، الذي قد يُعبر عنه الشباب بالغضب الذي قد يؤدي الى فتن ومشاكل وفوضى في البلاد.

7- المشاكل النفسية لدى الشباب: تؤدي البطالة الى معاناة الشباب ومنهم الشباب المهدوي من أمراض نفسية كالاكتئاب الدائم والشعور بعدم الانتماء، وما تحمله من آثارٍ سلبية على المجتمع المؤمن.

الحلول لمشكلة البطالة

إن حل مشكلة البطالة في دول محور المقاومة أمر صعب ويحتاج لسنوات طويلة من العمل، ووضع الخطط لقصيرة والطويلة الأمد من قبل حكومات هذه الدول، إذ لا يمكن حل مشكلة كبيرة وعظيمة كالبطالة عبر الأفراد والمجتمعات بصورةٍ جذرية، بل قد تضع حلولاً مؤقتة تخفف الأزمة، ويجب لحل أزمة بهذا الحجم مراعاة الأمور التالية:

1- سعي دول المحور الى التخلص من الهيمنة الأميركية الغربية الصهيونية على منطقة غرب آسيا، على الرغم من ادراك الجميع صعوبة تحقيق هذا الهدف، ولكن الإصرار والصمود وتحمل الأعباء والتضحيات قد يؤدي للوصول اليه، نظراً لأن هذه الهيمنة تقف حجر عثرة امام التنمية الاقتصادية التي من دونها لا سبيل للقضاء على البطالة.

2- وضع خطط لاعتماد اقتصاد المقاومة في عملية التنمية في ظل استمرار الهيمنة الغربية الصهيونية على المنطقة، اذ لا يمكن ان نرمي كل أزماتنا على هذه الهيمنة ونقف مكتوفي الأيدي إزاءها، واعتماد ذلك يؤدي الى تنمية واستثمارات توفر فرص عملٍ لشباب هذه المجتمعات المؤمنة.

3- تحسين عمل الإدارات وتحديثها وتنظيمها لتؤدي وظيفتها على اكمل وجه، لأنها ستكون المعنية الأساسية في عملية تنفيذ الخطط التنموية، على ان يترافق ذلك مع محاربة الفساد بكل أوجهه.

4- تطوير العملية التربوية التعليمية، وخصوصاً التعليم العالي وتوجيه الشباب المؤمن نحو اختصاصات تحتاجها مجتمعاتنا في عملية التنمية، وأهمها الاختصاصات الحديثة، وبالتالي –في ظل عملية التطوير والتنمية- لا يجد الشباب صعوبة في الحصول على فرص عمل.

5- التنمية الريفية ووضع حد للهجرة الداخلية من الريف الى المدن وذلك عبر تشجيع الأعمال الزراعية المنتجة، وتشجيع انشاء مزارع المواشي والدواجن، ويترافق معها توجيه شبابنا المؤمن في الأرياف نحو الإختصاصات ذات الطابع الزراعي والبيطري

6- تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار وإقامة المنشآت الإقتصادية في مختلف المجالات التي تساهم في تطور دولنا، وبالتالي توفير فرص عمل للشباب وخصوصاً المؤمن.

7- دعم الأعمال الحرة والحرف المتناهية في الصغر التي تؤمن اعمالاً لأصحاب هذه المهن ومنع هجرتهم.

8- العدالة والمساواة بين كل طبقات المجتمع، وعدم التمييز بين اصحاب المهن التي يراها الناس محترمة، والتثقيف لعدم النظر بدونية لبعض المهن التي تُعتبر وضيعةً في أعين بعض طبقات مجتمعنا.

9- السعي للقضاء على الآفات الإجتماعية المسببة لبعض الأمراض النفسية والجسدية للشباب، وبالتالي قضاء أوقاتهم عطالين بطالين مما يرفع نسبة البطالة.

يبقى أولاً وآخراً توفير واحات يعمها الأمن عبر القضاء على كل ما يوتر أوضاع الناس، باباً عريضاً من أبواب التنمية وتخفيض نسبة العاطلين عن العمل، وتأمين ظروف ملائمة للشباب ليكونوا مثالاً للشباب المنتظر الممهد لمولانا صاحب العصر والزمان "عجل الله تعالى فرجه الشريف".

اضافةتعليق


جميع الحقوق محفوظة © 2023, مركز براثا للدراسات والبحوث