مع التَّدفُّق الهائل للمعلومات بسبب التَّطوُّر التّكنولوجي الكبير، وتشابُك المصالح، أصبحت الحرب النَّاعمة أداةً أساس، تستخدمها الدُّول والمنظَّمات لتحقيق أهدافها، دون الحاجة إلى إطلاق رصاصةٍ واحدةٍ. لم تعُد هناك حاجةٌ لاحتلال الأرض من أجل إعادة تشكيل الثَّقافة والوعي، وإعادة صياغة القِيَم والتَّأثير على القرارات السّياسيَّة والاجتماعيَّة، بل صارت أدواتٌ جديدةٌ تفعل ذلك مثل: الإعلام، والدبلوماسيَّة، والتّكنولوجيا، حتَّى الفنون والتَّرفيه.
من المهمّ القول إن الحرب النَّاعمة ليست جديدةً في جوهرها، فقد استخدمت الإمبراطوريَّات -عبر التاريخ- الثَّقافة والدّعاية من أجل السَّيطرة، لكنَّها اليوم تتَّخذ أبعادًا غير مسبوقة، بفضل التّكنولوجيا ووسائل التَّواصُل. فهي حربٌ غير مُعلنة، لكنَّ آثارَها لا تخفى في: انهيار القِيَم، وفقدان للبوصلة الخُلُقيَّة.
وهنا السُّؤال الذي يحتاج إلى إجاباتٍ عمليَّة، ولكن أيضًا نظريَّة لا غِنى عنها: كيف يُمكن للمجتمعات -المُؤمنة خاصة، والمُسلمة عامة- أن تُحصّن نفسها ضدَّ هذا العدوّ الخفيّ غير المرئي؟ وكيف ينبغي لمطلب الوعي العميق، والإرادة الصُّلبة، والاستراتيجيَّات المُبتكرة، الَّتي تجمع بين احترام الذَّات، والتَّمسُّك بالجذور ومواجهة التَّحديات، أن تكون حاضرةً بقوةٍ لمواجهة هذه التَّهديدات غير المسبوقة؟
اضافةتعليق