يتناول بحثنا الجذور الدينية والسياسية لفكر (توماس هوبز-Thomas Hobbes)، مبيّنًا كيف تشكّل مشروعه الفلسفي في سياق القرنين السادس عشر والسابع عشر، اللذين شهدا صراعات دينية وحروبًا أهلية دفعت نحو البحث عن سلطة سياسية قوية تُنهي الفوضى. يرى (هوبز) أنّ الإنسان أنانيّ بطبعه، يعيش في "حرب الجميع ضد الجميع"، وأن الخوف من الموت هو الدافع الأساس وراء نشوء الدولة عبر "العقد الاجتماعي". بموجب هذا العقد يتنازل الأفراد عن حقوقهم لسلطة مطلقة تمثّلها الدولة/الليفيتان، التي تمتلك القوة لتوفير الأمن ومنع العودة إلى الفوضى الطبيعية.
يتبنّى (هوبز) نزعة مادية ميكانيكية تأثّر فيها بـ (إقليدس) و(غاليليو)، ويُخضِع الدين للسيادة السياسية، معتبرًا أن طاعة الحاكم واجبة دينيًا حفاظًا على الاستقرار. وبهذا يُعيد تأويل المفاهيم اللاهوتية في إطار دنيوي يخدم الدولة المدنية. أنتج هذا التصور ولادة الدولة المطلقة الحديثة، لكنه مهّد لاحقًا لظهور النقد في عصر الأنوار، الذي نزع الشرعية عن الحكم المطلق، وفتح الطريق لفكرة المواطنة والسلطة المقيدة.




التعليقات