لم يصل الاستهلاك مرحلة الذروة في المجتمعات العربيّة، إلّا مع الرأسماليّة المعولمة التي نعيشها، وخصوصًا مع الطفرة التقنيّة في تكنولوجيا الاتّصال والتواصل والمعلومات. فعلى الرغم من الآثار الإيجابيّة للثورة العلميّة الحاليّة في التكنولوجيا، إلّا أنّها شرّعَت الأبواب أمام الشعوب العربيّة، وغدَت هذه الشعوب أكثر عرضةً لتغيّرات قيميّة؛ فالتكنولوجيا الحاليّة هي في أيدي قلّة من المحتكِرين في الغرب، وليس لديهم سوى نموذج واحد للتصدير، وهو نموذجٌ مبنيٌّ على تغيير المجتمعات العربيّة، ثقافيًّا وخُلُقيًّا واقتصاديًّا، بما يتماشى مع فلسفتهم؛ وذلك لتحقيق أقصى منفعة ممكنة، حتّى لو شُيِّد ذلك على أنقاض الطبيعة والإنسان.
كان من نتائج الرأسماليّة المعولمة، تنميطُ الحياة بنِسَب متفاوتة في المجتمعات العربيّة، إذ بدأَت الأخيرة تفقد أصالتها وهويّتها وثقافتها، وتجلّى ذلك بمحاكاة الغرب في قيمهم وثقافتهم، بل وفلسفتهم للحياة على وجه هذه البسيطة. ومذ ذاك، أضحى العالم العربيّ -بأغلبيّته- سوقًا تصريفيًّا للسلع والخدمات والقيم الغربيّة، لا بل غرق في وحول الاستهلاك الشامل، بدلًا من الإنتاج الشامل.
اضافةتعليق