إذ إنَّ العلامةَ التجاريّةَ عنصرٌ من القوى الناعمةِ «المُحمّلةِ» ثقافيًّا، والتي تتغلغلُ بنعومةٍ وسلاسةٍ داخلَ النسيجِ المجتمعيِّ للأفرادِ، لتجعلَهم متقبّلين فكرةَ استهلاكِ منتجٍ ما، فبدلاً من التفكيرِ في العلاماتِ التجاريّةِ على أنَّها مجرّدُ منتجٍ ماديٍّ، تُحمّلُ العلامةُ التجاريّةُ بحمولةٍ أيديولوجيّةٍ تَربُطُ مشاعرَ المستهلكِ مع العلامةِ التجاريّةِ، حينها يفكّرُ المستهلكون ويشعرون ويتعايشون من خلال الخطاباتِ والأشكالِ الماديّةِ التي تشكّلُ الحِملَ الثقافيَّ لها، وتخلقُ مُناخًا من «الأمركةِ» يسمحُ بتمريرِ الاقتصادِ وقبولِ الأفكارِ السياسيّةِ داخلَ سوقٍ السلعِ والأفكارِ. بيدَ أنَّ قصصَ النجاحِ التي تروّج لها العلاماتُ التجاريّةُ في جميعِ أنحاءِ العالمِ، هي نفسُها التي تخترقُ قوانينَ العمّالِ، وقوانينَ الحفاظِ على البيئةِ، وقوانينَ حقوقِ الإنسانِ، وغيرها، لكنَّها تعتمدُ على ترويجِ صورةٍ ذهنيّةٍ لدى المستهلكين عكسَ ذلك، إذ تأتي الهيمنةُ من خلالِ الهيمنةِ الناعمةِ حين تركّزُ بشكلٍ كبيرٍ على البناءِ الرمزيِّ للمعنى لدى المستهلكين، وتكون جزءًا لا يتجزّأُ منَ الحياةِ اليوميّةِ للأفرادِ، وتؤثّرُ على تحديدِ المواضعِ الاجتماعيّةِ وتشكيل الأذواقِ والاتجاهاتِ، وانتشارِ ثقافةِ الاستهلاكِ، والتأثيرِ على الموضةِ، وتحديدِ معاييرِ الجمالِ، والنجاحِ والسعادة.
اضافةتعليق