معَ تطوُّر الميكانيزماتِ البَحثيّة التاريخيّة، وتعدُّد المَناهج في تناوُلِ الأحداث، إضافةً إلى تعدُّد التيّارات الفلسفية في رؤية الواقع وحركة المُجتمعات، بدأ أهلُ الاختصاص في اكتشاف كيفَ أرْخَتِ الإيديولوجيا بظلالها على البَحث التاريخي، سواء من الناحية النَّقدية أم من الناحية التأمُّليّة؛ حيث نجد أنَّ أحدَ أوجُهِ تَوظيف فلسفة التّاريخ هو علاجُ القَفزات المَعرفيّة والفَجوات في أحداث التاريخ؛ حيث إنَّ التاريخ من حيث كونه أحداثًا للعالَم ليس كُلًّا متَّصلًا في يد المُؤرِّخ، بل هناك فجواتٌ فيه يَستلزمُ ملؤُها فهمَ اتِّصال التَّاريخ، ولا يُمكِنُ أن تُملأَ إلا بإضافة المَنهج الفلسفيِّ سواء النَّقدي أم التأمُّلي إلى التاريخ ، إلا أنَّ ما يُمكِنُ استنتاجُه في المُحصِّلة هو أنَّ كلَّ مَن يَنظر إلى الأحداث إنَّما يَنظر إليها بأيديولوجيّة مُعيَّنة، ولذا ففلسفةُ التّاريخ تَبدأ بيدِ المُؤرِّخ الذي يُسطِّر الأحداثَ، ولا تَنتهي عندَ القارئ، وهذا ما أشارَ إليه كثيرٌ من الدِّراسات حول فلسفة التاريخ، ويُمكِنُ القولُ إنَّ القراءةَ الماديّةَ للتاريخ كانَت القراءةَ الأكثرَ أدلَجَةً والأكثرَ حُضورًا في القرن الأخير، ضِمنَ أجندةٍ استعماريّةٍ استندَت إلى تَبجيل وتَكريس أسماءٍ ونماذجَ تاريخيّةٍ ومناهج بحثيّة بعَينها، منها (ابن خلدون).
اضافةتعليق