لم يكتفِ المُستشرقون بتناولِ الإسلام في أُسُسِه الاعتقادية والتَّشريعيّة والقِيَمِيَّة، بحثًا ونقدًا وتشكيكًا، بل وَصَل الأمرُ بِبَعضِهِم إلى حدِّ إنكار الوجودِ التاريخيِّ لخاتَمِ الأنبياء، محمد صلى الله عليه وآله.
وقَدْ مَثَّل هذا التوجُّهُ امتدادًا لإنكار الوجود التاريخيِّ لسائِرِ الأنبياء، عليهم السلام، الذين تذْكُرُهُم الكُتُبُ الدِّينيّة، ولا سيَّما "الكتابُ المقدّس" على نحوٍ خاصّ، بدعوى عدم ثبوت ذلك من خلال الدراسات الأركيولوجية والحفريات الأثرية.
غير أنَّ ذلك الإنكارَ واجَهَ سُخرية الكثير من المتخصِّصين في البحث التاريخي، بسبب بداهة الوجود التاريخيِّ للنبيِّ الخاتم في الحجاز، وثبوته بطُرق التَّواتر متعدد الأشكال كما في كُتُب التاريخ والسِّيَر والمُدَوَّنات الحَديثيّة والمخطوطات القرآنية ورسائل النبي وغير ذلك، وهذا يَجعل وُجودَه التاريخيَّ يَرقى إلى درجةِ اليَقين العلميِّ الذي لا يَحتمل الشكَّ.
وهذا البحث محاولةٌ لإبراز بعض تلك الأُسُس المُثبِتَةِ للوجود التاريخي لخاتم الأنبياء، بسبب أهمِّيتها، باعتبارها قاعدةً للانطلاق في دراسة الجوانب المختلفة للرِّسالة الإسلامية.
اضافةتعليق